تقرير المحور الثالث من اليوم الدراسي المنظم من طرف جمعية سمسم-مشاركة مواطنة بتنسيق مع منتدى القانون البرلماني المنظم أيام 25 و 27 مارس 2022

image


نظمت جمعية سمسم- مشاركة مواطنة بتنسيق مع منتدى القانون البرلماني يوما دراسيا حول النظام الداخلي لمجلس النواب، شارك فيه ثلة من الأكاديميين ونواب سابقين وحاليين وفاعلين مدنين، وقد تضمن هذا اليوم الدراسي ثلاث محاور كان آخرها حول: تعديلات النظام الداخلي لمجلس النواب ودورها في تعزيز الديمقراطية بمشاركة كل من السيد أمام شقران نائب برلماني سابق، محامي والسيد رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية، فيما اعتذر كل من السيدة آمنة ماء العينين نائبة سابقة وباحثة في العلوم السياسية والسيد عبد الحفيظ ادمينو رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي، وقامت بإدارة النقاش السيدة أسية العمراني صحفية.

استهلت أشغال المحور الثالث بكلمة مسيرة النقاش أسية العمراني التي رحبت بالمشاركين في هذا اليوم الدراسي وأشارت إلى أن محاوره الثلاث تدخل في صلب التعديلات التي تقدمت بها جمعية سمسم- مشاركة مواطنة من أجل التفاعل مع النقاش الجاري حول تعديلات النظام الداخلي لمجلس النواب، وقد اقترحت الجمعية في هذا الإطار تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بمناقشة مقترحات القوانين المقدمة من طرف المعارضة، ومجموعة من المقترحات الأخرى التي كانت موضوع النقاش في المحتور السابقة، وقد قامت جمعية سمسم بدراسة مرتبطة بالتصويت البرلماني ومن أبرز الخلاصات التي توصلت إليها الدراسة هو أنه لتعزيز مبدأ البرلمان المفتوح لابد من اعتماد التصويت الإلكتروني بواسطة منصة إلكترونية رسمية خاصة بمجلس النواب إضافة إلى نشر اللوائح الإسمية لنتائج التصويت داخل أجل 48 ساعة في موقع المجلس، ومسألة التصويت العلني أو الإلكتروني هي موجودة في النظام الداخلي لمجلس النواب، ومن هنا طرحت السؤال حول ما الذي يمنع من تطبيق هذا الاختيار المنصوص عليه في النظام الداخلي لمجلس النواب لأنه ينسجم مع مسألة الشفافية مع ضمان حق المواطنين في الحصول على المعلومات؟

في جوابه قال السيد أمام شقران أن تجربته البرلمانية كانت محكومة بمنطق التمثيل النسبي كما جاء في الفصل 62 من الدستور والذي يهم أساسا أعضاء المكتب ولكن كانت هناك قراءة موسعة لهذا الفصل بحيث أسقطت مقتضياته على مجموعة الأمور في النظام الداخلي، مثالا على ذلك جلسات اللجان البرلمانية، الدستور هنا كان واضحا ففي الفصل 68 منه جاء أن جلسات لجان البرلمان سرية ولا يحق للمجلس أن يناقش هذا المقتضى في نظامه الداخلي في أن الأصل هو العلنية والاستثناء هو السرية وبالتالي فأي مقتضى في هذا الأخير يخالف ما جاء في الدستور ستقوم المحكمة الدستور بالدفع بعدم دستوريته، ورغم أن اجتماعات اللجان بصفة علنية تمكن المواطن من تتبع ومعرفة أشغال هذه الأخيرة إلا أن بعض جلسات اللجان تطرح فيها معطيات من طرف الوزراء الذين لا يمكنهم التحدث عنها في جلسة علنية وكذلك النواب، لأن العلنية هنا هي علنية بالنسبة للعالم الخارجي وليست فقط بالنسبة للمواطنين وهنا تكمن أهمية سرية جلسات هذه اللجان، هذا فيما يتعلق بالمناقشة أما بالنسبة لمسألة التصويت فهو يكون علنيا ويمكن تفسير عدم اللجوء إلى التصويت الإلكتروني إلى ما قيل حول الصعوبات التقنية، أما بالنسبة للقناة البرلمانية فلم تقم الغرفة الثانية للبرلمان بالمصادقة عليها وذلك سبب عدم خروجها لحيز الوجود.

أما السيد رشيد حموني فقد أشار إلى أن مراجعة النظام الداخلي لا تكون اعتباطية، ولكنها تقوم على الملائمة لبعض النصوص التي صدرت بين القانون الداخلي المطبق والولاية المقبلة، و أيضا يمكن أن تكون هذه المراجعة بناء على بعض الممارسات التي يمكن التعرض لها فإطار تطبيق النظام الداخلي للمجلس التي تبرز بعض التناقضات أو الهفوات أو الغموض، أما بالنسبة لما المانع من نشر اللوائح الإسمية لنتائج التصويت ففي اعتقادي ليس هناك أي مانع فهي لا تتناقض لا مع النظام الداخلي ولا مع الدستور فمن حق النائب أن يصوت بحرية رغم اختلاف موقفه عن موقف الهيئة السياسية التي ينتمي إليها، وإنما هي فقط مسألة تقنية لأنه داخل المجلس جميع تجهيزات التصويت الآلي موجودة ولكن في الممارسة تجد أن بعد النواب يواجهون صعوبات تقنية في التصويت بشكل آلي وبالتالي يتم احتساب الأصوات برفع الأيدي الذي يستحيل معه كتابة أسماء النواب الذي يمكن أن يستغرق وقتا طويلا. 

وفيما يخص علنية جلسات اللجان من سريتها، فهناك نقاش حول المادة 96 التي من النظام الداخلي التي أعطت بعض الاستثناءات على سرية جليات اللجان بحث يمكن أن تكون الجلسة علنية إما بطلب من رئيس مجلس النواب أو بطلب من مكتب اللجنة أو بطلب من الحكومة أو ثلث أعضاء اللجنة، والخلاف هنا كان حول لمن سيوجه هذا الطلب، فتأويل رئيس مجلس النواب عمد أن الطلب يوجه إلى مكتب مجلس النواب، في حين أنه في نظرنا أن الطلب يوجه لرئيس اللجنة لأن المادة 96 جاءت في الباب المتعلق باللجان الدائمة والأمر نفسه بالنسبة لتأجيل جلسة اللجنة فالطلب يوجه لرئيس اللجنة والعكس، كما أنه لا وجود للتقرير في العلنية أو السرية في اختصاصات مكتب المجلس، وهنا لرفع هذا اللبس تتم مراجعة مقتضى المادة 96 بإضافة عبارة “بطلب يوجه إلى رئيس اللجنة”.

وقد تطرقت مسيرة النقاش إلى مسألة تبخيس عمل البرلماني وطرحت السؤال حول كيفية الرفع من صورة عمل البرلماني الذي تكون مهامه الصعبة داخل اللجان والتي تكون في أغلب الأحيان سرية وبالتالي لا يكون عند المواطنين تصور حقيقي على عمل البرلماني، فكيف يمكن على ضوء الرفع من عمل البرلماني وعدم تبخيسه والتشبث بالسرية في نفس الوقت؟

قال السيد أمام شقران مجيبا أن مسألة السرية من عدمها يجب أن يرتبط أساسا بمصلحة البلاد وليس لأي غرض آخر، لأن ذلك يمكن أن ينعكس مباشرة على الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي …، وأنه المواطنين لن يتتبعوا الجلسات العلنية لوحدهم، بل هناك الآخر وقد قصد بالآخر أطراف من دول أجنبية، إضافة إلى ذلك أنه في أغلب الأحيان الوزراء المعنيون لا يكون عندهم استعداد لمناقشة بعض المواضيع التي يعتبرونها حساسة في جلسات علنية، وأضاف إلى أنه من الضروري أن يجرى تقييم موضوعي لتجارب العلنية التي عرفها البرلمان المغربي لتجاوز سلبياتها  وبالتالي تعديل النظام الداخلي بشكل موضوعي يتماشى والتقييم المجرى.

ثم عرجت مسيرة النقاش إلى حقوق المعارضة التي نص عليها الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، من ضمنها توفر المعارضة على الإمكانات المادية والبشرية للقيام بمهامها، ووجهت السؤال إلى السيد رشيد حموني بصفته ينتمي للمعارضة البرلمانية عما يمكن اعتباره جديرا بالترافع حوله في اللحظة الحالية أي النقاش حول تعديلات النظام الداخلي لمجلس النواب؟

أجاب السيد رشيد حموني أن حقوق المعارضة عبارة موجودة منذ 2011، لكنها مجرد شعارات نسمعها في حين أن المعارضة في حقيقة الأمر ليس لها أي حقوق إلا فيما يخص تمكينها من لجنة التشريع، أما بالنسبة لتوفير الموارد البشرية والمادية فنجد أن نواب المعارضة ليس لديهم حتى مكاتب للاشتغال فيها، أيضا نجد أن الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب جاء في مفادهما أنه يجب مناقشة مقترحات القوانين مرة كل شهر، في حين أنه مع انتهاء الدورة لم يتم برمجة مناقشة أي مقترح قانون، وهنا دفاعا عن حقوق المعارضة يجب تضمين اجال لبرمجة مقترحات القوانين وأن تكون إلزامية في النظام الداخلي. 

ثم وجهت السيدة أسية العمراني سؤال للسيد أمام شقران عن أبرز الإشكالات التي عرفتها الولاية البرلمانية السابقة وما الذي يجب التنصيص عليه اليوم في النظام الداخلي لمجلس النواب من اجل تجاوز هذه الإشكالات وتكريس حقوق المعارضة؟

في جوابه أشار السيد أمام شقران أنه في تنزيل النظام الداخلي للمجلس كان هناك توسع في قراءة الفصل 62 من الدستور، وأصبح التمثيل النسبي يطبق على كل ما يهم سير وعمل وتكوين المجلس واللجان …، في حين أن الفصل 62 ينص على التمثيل النسبي فقط فيما يخص أعضاء المكتب، وهذا بحد ذاته يجب أن يكون موضوع مراجعة النظام الداخلي للمجلس، ويجب أن يكون هناك حد أدنى لكل فريق أو مجموعة نيابية لكي يقوم بالتعبير عن آرائه وتوجهاته، إضافة إلى ضرورة التنصيص على ضوابط قانونية تترتب عنها جزاءات صارمة للحد من غياب النواب عن الجلسة العامة المتعلقة بالتشريع وأيض في جلسات اللجان.

انتقلت بعد ذلك مسيرة النقاش إلى مسألة إحالة الاتفاقيات الدولية على اللجان البرلمانية والتي تحال فقط على لجنة الخارجية، وأشارت إلى أن جمعية سمسم تقترح في مراجعة النظام الداخلي أن تحال كل اتفاقية حسب تخصصها على لجنة بعينها لأن تلك اللجنة ستكون الأكثر دراية بالنصوص المرتبطة بنوع تلك الاتفاقية.

وحول نفس المسألة ذهب السيد أمام شقران إلى أن الاتفاقيات الدولية تتميز بنوع من الخصوصية لأن أصلا موضوع الاتفاقية لا يقبل التعديلات وانما يكون هناك تصويت فقط على هذه الأخيرة ، ومع ذلك ليس هناك ما يمنع الوزير المعني أن يقوم بطرحها اللجنة المعنية التي تهم نوع الاتفاقية.

وختاما تطرق السيد أمام شقران إلى مسألة المناصفة وقال أن الأحزاب السياسة والفرق البرلمانية لأنه حتى إذا لم يكن هناك قانون فإنه يمكن للأحزاب دائما أن تجسد ذلك في سلوكها، وأكد على أن التمييز الإيجابي في الوضع الذي نحن فيه يجب أن يستمر شريطة أن تتحمل الأحزاب السياسية مسؤوليتها بحث ألا يتحول هذا التمييز الإيجابي إلى تمييز سلبي تجاه المرأة المناضلة داخل الأحزاب، بمعنى أنه يجب اختيار الكفاءات والنخب وليس بالمنطق الذي تتدبر به الأمور حاليا، من جهة أخرى يجب التنصيص على قانون يجعل من منطق المناصفة أن يكون حاضرا بشكل ملزم.

-إعداد التقرير: أنس المستقل
باحث في العمل البرلماني والصياغة التشريعية.

يمكنكم مشاهدة الحلقة من خلال الرابط الآتي: https://fb.watch/cnZ1WaLL-M/