:تقرير المحور الثاني من اليوم الدراسي المنظم من طرف جمعية سمسم-مشاركة مواطنة بتنسيق مع منتدى القانون البرلماني المنظم أيام 25 و 27 مارس 2022


انطلقت فعاليات المحور الثاني من اليوم الدراسي حول النظام الداخلي لمجلس النواب مساء يوم الجمعة على الساعة 20:00، بتنظيم من طرف جمعية سمسم-مشاركة مواطنة، وبشراكة مع منتدى القانون البرلماني، هذه الفعالية التي تمحورت حول دور النظام الداخلي لمجلس النواب في تعزيز المساواة والمناصفة. وقد شارك فيها كل من:

السيدة سلوى البردعي نائبة عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية؛ 

السيدة فاطمة الزهراء نزيه نائبة سابقة للمجموعة الموضوعاتية للمساواة والمناصفة؛

السيدة نعيمة بن يحيى نائبة سابقة متخصصة في قضايا النوع؛ 

السيد بن يونس المرزوقي أستاذ القانون العام بجامعة محمد الأول وجدة. 

وأشرفت السيدة آسية العمراني على تسيير هذا اللقاء الثاني، حيث انطلقت في إدارتها للحوار من سؤال مدى إمكانية أن تشكل التعديلات التي ستجرى على النظام الداخلي لمجلس النواب فرصة للترافع على تشكيل لجنة دائمة للمناصفة والمساواة؟

للتفاعل السيدة سلوى البردعي مع هذا السؤال بالتعبير عن ابتداء عن تطلعاتها ومتمنياتها بأن يتضمن النظام الداخلي لمجلس النواب في صيغته المعدلة آليات عملية للمساهمة في تقوية دور المرأة وتمثيليتها في هيئات المجلس وأن تشمل هذه التعديلات كذلك الوسائل الكفيلة بتنزيل اللجنة الموضوعاتية للمناصفة والمساواة. 

وفي سؤال ثانٍ وجهته السيدة المسيرة آسية العمراني للسيدة نعيمة بن يحيى تمحور حول مدى تشكيل هذه التعديلات لحظة للدفع نحو مأسسة وتعزيز المناصفة والمساواة باعتبارها مقتضى دستوري؟ 

أكدت السيدة نعيمة على أن الدستور الذي مرّ عليه أزيد من عشر سنوات ركز بشكل صريح على معطى المناصفة والمساواة، وبالتالي فإنه من اللازم علينا ملاءمة كافة القوانين مع هذا المقتضى، لاسيما القواعد المنظمة والمؤطرة لعمل المؤسسة التشريعية ونخص بالذكر هنا النظام الداخلي لمجلس النواب. كما أوصت السيدة نعيمة بإعادة النظر في النظام الداخلي لمجلس النواب وكافة القوانين التنظيمية وعلى رأسها القانون التنظيمي للأحزاب السياسية بما يتوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات التي صادق عليها المغرب، إذ أن هذا الأمر سيمكن من تعزيز حضور النساء في مختلف مراكز القرار. 

وطرحت السيدة المسيرة سؤالا على السيدة فاطمة الزهراء نزيه يتمحور حول الأعطاب التي لمست، خلال تجربتها السابقة في اللجنة المؤقتة، عاقت الدفع بمواضيع النساء وما يخدم قضايا النوع والمناصفة؟ 

وفي عرضها للتجربة التي خاضتها على مستوى هذه اللجنة، أكدت السيدة نزيه على أن العمل كان يعيقه عنصرين رئيسيين، العنصر الأول يتمثل في استحضار كون اللجنة تتخذ طابعا مؤقتا، والعنصر الثاني يتحدد في خضوعها – أي اللجنة- في اتخاذ قراراتها لمكتب المجلس. مما يعيق عمل اللجنة خاصة في المواضيع ذات الصلة بقضايا المناصفة والمرأة. كما أفادت السيدة نزيه أن اللجنة المؤقتة كانت تفتقد للصيغة التقريرية ولم تكن ذات طابع دائم بل انعدمت فيها خاصية الاستمرارية، ولعل هذا – حسب السيدة نزيه- راجع لما كرّسه المجلس الدستوري في قرار له تطرق لهذه اللجنة. 

وقد بسطت السيدة نزيه بعض التجارب المقارنة التي ارتقت بالهيئات المعنية بقضايا المرأة والمناصفة، مؤكدة في هذا الصدد على ضرورة العمل على تعزيز الجهود المبذولة في التجربة المغربية لنرسخ على الأقل التوافق والملاءمة مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، ودعت جميع النائبات والنواب للنضال من أجل إقرار الصيغة الدائمة على مستوى اللجنة الموضوعاتية للمناصفة والمساواة. 

وفي محاولة لفهم وجهة النظر القانونية، سألت السيدة آسية الأستاذ بن يونس المرزوقي حول الموانع التي تحول دون التنصيص الصريح على اللجنة الموضوعاتية في صيغتها الدائمة ضمن مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب؟

انطلق الأستاذ بن يونس في مقاربته لهذا السؤال من إبداء أسفه حول طبيعة النقاش الذي دار بخصوص الفصل 19 من دستور 2011، حيث سجل الأستاذ المرزوقي الغموض الذي شاب النقاش حول هذه اللجنة خاصة بعد القرار الصادر عن المجلس الدستوري. وأكد الأستاذ المرزوقي على أنه ينبغي أن نبحث عن بدائل جديدة في فهمنا لمقتضيات الفصل 19 في أفق إنتاج أرضية جديدة يستطيع القضاء الدستوري تغيير قراره على ضوئها، خاصة إذا ما استحضرنا أن كافة القضايا هي ذات ارتباط بموضوع هذه اللجنة، وعليه يطرح السؤال حول ما القضايا التي ستعنى بها هذه اللجنة ولا يمكن أن تحال على غيرها؟ وبالتالي فمقترحات ومشاريع القوانين يجب أن ترفق بدراسة الأثر التي ستحدد مدى إمكانية الإحالة على هذه اللجنة. 

إضافة إلى ذلك فالمقاربة العددية لا تشجع اليوم على المناصفة والمساواة خاصة وأن النقاش الذي يراد منه دعم هذا التوجه يرتكز على الفصل 19 ويتناسى البعض أن هذه الفصل يبدأ بعبارة “تسعى الدولة"، أي أننا في دائرة الإمكان ولسنا أمام خاصية الالزام، مما يجعل الدولة – وفق هذا المنطق- تسعى لإقرار المناصفة والمساواة في حدود الإمكان، وهذا طبعا من شأنها تغييب المرأة عن مراكز القرار ومختلف هيئات مجلس النواب ولا يشجع على الدفع بتعزيز قضايا النوع. 

في هذا السياق طرحت السيدة آسية العمراني سؤالا حول كيفية دعم الحضور النسائي في هياكل مجلس النواب؟ 

حيث أجابت السيدة سلوى البردعي بالقول أنه بالرجوع إلى تاريخ مجلس النواب نجد أن التجربة النيابية في المغرب حققت نوعا من التراكم الإيجابي على مستوى التمثيلية النسائية، غير أننا نظل في حدود التمثيل ولم نصل بعد إلى المناصفة والمساواة وهذا الأخير هو الهدف المنشود، الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المأسسة وإقرار دوام اللجنة الموضوعاتية للمناصفة والمساواة. 

وضربت في هذا الصدد مثلا باللجنة الخاصة بمراقبة المالية العامة التي تم تأسيسها في سنة 2014، حيث هي الأخرى غير منصوص عليها دستوريا ومع ذلك القضاء الدستوري أقر العمل بها وتم التنصيص عليها، لذلك فإننا ندعو فقهاء القانون الدستوري لمساعدتنا ومدنا بالآليات والوسائل الممكن عبرها إقرار اللجنة الدائمة للمناصفة والمساواة. 

وتفاعلا مع هذا النقاش أشارت السيدة نعيمة بن يحيى إلى أن قضية المرأة تتقاطع مع جميع القوانين ومن اللازم أن تكون المرأة حاضرة بحكم هذه العلاقة الوطيدة، ولهذا دعت السيدة نعيمة كافة النواب الرجال وباقي الفاعلين السياسيين والمدنيين إلى الانخراط في دعم المناصفة والمساواة وأن يساهموا بشكل جادّ في الدفاع والترافع عن قضايا النساء. 

كما أكدت على ضرورة إيجاد آليات لمسايرة المقتضيات القانونية ومواكبتها للواقع بما يخدم قضايا النوع ويعزز من تمثيلية المرأة. ولهذا ينبغي علينا في تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب تفادي بعض الاعتبارات والمزايدات السياسية التي من شأنها عرقلة مسار تعزيز حضور المرأة، والاهتمام أكثر بطرق تنزيل اللجنة الموضوعاتية للمناصفة والمساواة في شكلها الدائم ضمانا للاستمرارية وإضفاءً للطابع التقريري عليها. كما دعت الفاعل السياسي لتجسيد الإرادة السياسية الداعمة للمناصفة والمساواة، وينبغي على الأحزاب السياسية المنتجة للنخب أن تعمل في هذا الصدد مع المجلس المعني بتكريس المناصفة والمساواة. 

وبالرجوع إلى المقاربة القانونية أفادت السيدة نزيه أن هيكلة بعض هيئات مجلس النواب لم تحترم في بعض الأحيان مقتضيات المادة 79 خاصة في الجانب المتعلق بالمناصفة والمساواة، وأن الواقع النيابي شهد تذبذبا واضطرابا ملحوظا، حيث كلما تقدمنا خطوة في باب المناصفة تراجعنا خطوتين إلى الخلف.

وعلى الرغم من ذلك أشادت السيدة نزيه بالتراكم المهم الذي كرسته اللجنة المؤقتة، إذ شكل العمل الناتج عنها إرهاصا مهما للتعديلات التي يتم اليوم مناقشتها، وساهمت في نقل النقاش حول قضايا المرأة والمناصفة والمساواة من ترف فكري إلى ضرورة واقعية. 

وفي سؤال طرحته السيدة آسية على السيدة سلوى حول إمكانية المطالبة بوضع قانون إطار خاص بالمساواة والمناصفة وليس فقط الترافع حول ديمومة اللجنة الموضوعاتية؟

عبرت السيدة سلوى عن دعمها لوصول النساء لقبة البرلمان، سواء من خلال تقوية هيكلة المجلس بإقرار ديمومة اللجنة الموضوعاتية ، أو عبر اقتراح قوانين تؤطر قضايا المرأة عموما والمناصفة والمساواة بشكل خاص. غير أن هذا الأمر يحتاج لتظافر جهود كافة الفاعلين لتأهيل النساء في العمل البرلماني، وهذه مسؤولية تقع على الأحزاب السياسية والمنابر الاعلامية والمؤسسات الدستورية وغيرها. 

وتفاعلا مع السؤال حول القانون الإطار أكد الأستاذ المرزوقي على أن الانطلاق من الدفاع عن القانون الإطار سيحل عددا من الإشكالات المطروحة اليوم، وعلى رأسها مسألة التمثيلية النسائية ومسألة تولي النساء للمناصب وتقلُّد المسؤولية ومسألة تأهيل النساء، وسيشكل دعما حقيقيا لقضايا المناصفة والمساواة، ذلك أن القانون الإطار سيلزم جميع الهيئات باحترام تمثيلية النساء ولن يخالف الدستور في شيء. 

كما أشار الأستاذ بن يونس إلى أن التمثيلية ازدادت فقط على مستوى العدد، أما تكريس المناصفة كمبدأ دستوري فهذا لادال أمرا غير قائم وهو ما يمكن للقانون الإطار العمل على ترسيخه لسهولة تنزيله عبر القوانين العادية من جهة وعن طريق النظام الداخلي لمجلس النواب. ليختم مداخلته بالتأكيد على وجوب تكريس التعديلات المدخلة على النظام الداخلي لمجلس النواب للطابع الدائم للجنة المناصفة والمساواة. 

وفي جوابها حول سؤال: هل النخب النسائية قادرة على الترافع حول القانون الإطار؟ نبّهت السيدة نعيمة بن يحيى إلى أن الترافع والنضال مرتبط أساسا بالكفاءة والالتزام، ولا ترتبط بنوع النائب أو النائبة، وبالتالي فالنساء مدعوات للعمل على هذا الأمر، وأن يستثمروا في التراكم المحقق إلى حد الآن في العمل النسائي النيابي، ذلك أن هناك عددا من النساء اللائي راكمن تجربة مهمة، لكن غياب معطى الاستمرارية جعل مجموعة من المجهودات تذهب سداً. 

كما دعت السيدة بن يحيى المركز البرلماني للأبحاث والدراسات إلى تقديم المساعدة للجنة الموضوعاتية للمساواة والمناصفة والمساهمة في إنتاج الأبحاث والأرضية التي تخدم ديمومة اللجنة ويطبعها بالصفة التقريرية. 

وهي ذات الفكرة التي أكدت عليها السيدة سلوى البردعي، مضيفة في نهاية هذه الفعالية أنه يجب القطع مع كل الممارسات التي من شأنها تهديد المجهودات المبذولة على صعيد قضايا المناصفة والمساواة والمرأة، وأنه ينبغي البناء والاستثمار في التراكم المحقق إلى حد الآن لضمان الاستمرارية. 

وقد اختتمت أشغال هذا المحور الثاني من اليوم الدراسي حول النظام الداخلي لمجلس النواب على الساعة 21:45.

-إعداد التقرير: ياسين شادي

باحث في سلك الدكتوراه جامعة القاضي عياض-مراكش

يمكنكم مشاهدة الحلقة من خلال الرابط الآتي: https://fb.watch/cnZa2iPryS/