image

تهدف الرقابة على دستورية القوانين إلى حمل المشرع على احترام وحماية الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ففي الدول التي تأخذ بنظام القضاء الدستوري تكفل فيها كل من المشرع والقضاء الدستوري تحديد الحقوق والحريات وحمايتها.

ولقد ذهب دستور 2011 لبناء فلسفة جديدة أضحت تؤطر منطق إشتغال القضاء الدستوري، سعيا وراء تكريس دولة الحق والقانون وحماية وصيانة الحقوق والحريات وإحقاق العدالة الدستورية، وهذا ما تفسره تلك النقلة النوعية في إعتماد نموذج المحكمة الدستورية، والذي يجعل القضاء الدستوري عبارة عن بنية مفتوحة ومرنة تمكن الأفراد من الحق في الدفع بعدم الدستورية، انسجاما مع اشتراطات القضاء الدستوري الديمقراطي، كما أن الرقابة على دستورية القوانين جزء لا يتجزأ من العملية الديمقراطية.

وبه إن المستجد الأكثر أهمية هو تخويل هذه المحكمة بموجب مقتضيات الفصل 133 من دستور يوليوز 2011 صلاحية البت في دفوعات المتقاضين بعدم دستورية قانون تبين للقضاء أن من شأن تطبيقه في النزاع المساس بالحقوق والحريات الدستورية.

في النموذج المغربي لم يجز الدستور للأفراد ولا للمنظمات ولا للأحزاب الطعن بعدم دستورية القوانين عن طريق الدعوى الأصلية، سواء تعلق الأمر بالرقابة السابقة (السياسية) أو الرقابة اللاحقة (القضائية). في حين خول لكل من له الصفة الدفع بأن القانون الذي سيطبق عليه في النزاع المعروض أمام المحكمة يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور، لكنه لم يسند حق البت في هذه الدفوعات إلى المحاكم بل أوكلها المشرع الدستوري إلى المحكمة الدستورية. 

وتنص الفقرة الثانية من الفصل 133 من الدستور على ضرورة تأطير آلية الدفع بعدم دستورية القوانين، بموجب قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات تطبيق هذا الفصل، وفي هذا السياق، وتطبيقا للمادة 28 من القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، أعدت الحكومة مشروع قانون تنظيمي يحدد شروط وإجراءات تطبيق الفصل 133 من الدستور وافق عليه مجلس النواب في إطار قراءة ثانية في 6 فبراير 2018، لكنه رجع للمناقشة بالبرلمان مجددا وذلك بعد إقرار المحكمة الدستورية برفض ما يقارب نصف مواد القانون التنظيمي رقم 86.15.

واعتبرت المحكمة أن هذا القانون الذي صادق عليه مجلس النواب في إطار قراءة ثانية، بأغلبية 158 صوتا من أصل 188 من أعضائه الحاضرين، صادر حق عدد من أطراف الدعوى في إثارة عدم دستورية قانون “وفقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 133 من الدستور"، التي جعلت الدفع بعدم الدستورية "حقا مخولا للأطراف بصيغة العموم”.

ومن بين مقتضيات القانون التي قضت المحكمة بعدم مطابقتها للدستور، تلك المرتبطة بالمواد ال 6 و10 و11، والتي تتحدث عن استيفاء شروط مسطرة الدفع واختصاص محكمة النقض بالنظر في الدفع بعدم دستورية قانون، حيث دافع قضاة المحكمة الدستورية على اختصاص مؤسستهم الدستورية، حيث أكدوا أنها “تمارس الاختصاصات المسندة إليها بفصول الدستور، وبأحكام القوانين التنظيمية"، مشيرين إلى أن الفصل 133 منه، ينص على أنها "تختص بالنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون، أثير أثناء النظر في قضية، وذلك إذا دفع أحد الأطراف بأن القانون الذي سيطبق في النزاع، يمس بالحقوق وبالحريات التي يضمنها الدستور”.

وتجدر الاشارة أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم الدستورية القانون من النصوص المرتقب تدارسها الفترة القادمة ويتابع فريق نوابك مسطرة تشريع هذا القانون التنظيمي المهم.

ترقبوا المزيد على صفحة نوابك.